بديع الزمان الهمذاني.. ارتبط اسمه بفن المقامة، وارتبطت المقامة باسمه.. فما هي المقامة؟ومن هو بديع الزمان؟!
إنه هو أبو الفضل أحمد بن الحسين المولود في همذان يوم 13 جمادي الآخر سنة 358 هجرية، والمتوفي عام 398 هجرية. وعن وفاته قصتان يرويهما أحمد الشنواني في كتابه «كتب غيرت التاريخ»، الأولي هي أنه مات مسموما، والثانية هي أنه أصيب بغيبوبة فظن الناس أنه مات وعجلوا بدفنه، لكن بديع الزمان أفاق في قبره وسمع صوته في الليل فنبش الناس عنه فوجدوه ميتا وقد قبض علي لحيته بيده ومات من هول القبر.. ويرجح بعض المؤرخين صدق القصة الثانية.
مؤلفاته
وما بين الميلاد والموت أنجز بديع الزمان الهمذاني العديد من المؤلفات يمكن تقسيمها إلي ثلاثة أنواع من الإبداع: أولا كالعادة ديوان شعر، ومعظمه يدور علي المحسنات اللفظية والمعنوية، أما ثانيا فهي مجموعة الرسائل التي تدور حول العديد من الأغراض مثل المدح، حيث كان بديع الزمان يتكسب بأدبه فيستخدم المدح والثناء. ومن الأغراض التي جاءت في الرسائل الاعتذار والاستعطاف والعتاب والشكوي والهجاء والود والصداقة والنصح والحكم والوصف. أما أهم أعماله فهي ثالثا المقامات المشهورة وعددها اثنتان وخمسون مقامة.
مقامات البديع
يستخدم الهمذاني في مقاماته راويا خياليا أسماه عيسي بن هشام، ولها بطل يعرف بأبي الفتح السكندري، وهو رجل خيالي بالطبع صاحب خبث وحيل يعمل في جميع المهن التي يحترفها الناس من أجل الكيدية وابتزاز المال، فتراه مرة شيخا جليلا، ومرة مشعوذا يخدع الناس، ومرة متسولا، ومرة تاجرا معجبا بنفسه.
وتدور حوادث هذه المقامات في المناطق المتحضرة، وقليل عند بديع الزمان كلامه عن أهل البادية.
ويذكر أيضا أن مقامات بديع الزمان وبطله لا ينحصران في زمان محدد، فعيسي بن هشام يحدثك مرة عن الفرزدق ثم يحدثك عن سيف الدولة الحمداني وكأنه معاصر لهما.
في القاموس
جاء في «لسان العرب»: المقام: موضع القدمين، وأطلق اللفظ علي المجلس الذي تسمع فيه الموعظة، ويقول الدكتور فيكتور الكك في كتابه «بديعات الزمان الهمذاني»: «إن معني المقامة انحرف في القرن الثالث الهجري فتدني إلي الدلالة علي كلام الشحاذين الذين اضطروا في توسلهم إلي المحسنين بدعاءات توجيهية إلي أن يستعملوا لغة مختارة منمقة».
وللدكتور شوقي ضيف رأي في هذا الموضوع حيث يذكر أن المقامة ليست قصة، وإنما هي حديث أدبي بليغ، وهي أدني إلي الحياة منها إلي القصة، وليس فيها من القصة إلا الظاهر فقط، أما في حقيقتها فهي حيلة يعرفنا بها البديع وغيره لنطلع من جهة علي حادثة معينة، ومن جهة ثانية علي أساليب أنيقة ممتازة.