بعد دقائق عدة خرج أحدهم من غرفة البنت وهمس في أذن الضابط المسؤول عن العملية:
" لقد عثرنا على مكانه ..."
نظر إليه الضابط المسؤول بارتياح
فأكمل كلامه : " إنه في منزل يبعد عنا 200 متر فقط ... لقد أخذنا وصف المكان و العنوان ... "
وهنا خرج الضابط المسؤول من المنزل و أمر وحدة عسكرية أن تمضي لذلك المنزل وتعتقل من فيه حالا...
و تكرر في ذلك المنزل الثاني ما كان في المنزل الأول
فقد أقتحم الجنود المنزل الثاني وكسروا الأبواب ثم جمعوا من كان في المنزل وأجلسوهم على ركبهم في وسط الصالة ...وضعوا الأفكري في أيدي الرجال منهم...و خلف كل رجل و امرأة وحش مصوبٌ بندقيته إلى جهة الرأس...
نظر الضابط المسؤول عن الوحدة التي اقتحمت المنزل الثاني إلى وجوه الرجال متفحصا ... ثم ما لبث أن لاحت علامات البشر على وجهه، وكأنه انتصر على جيش بكامل عُدته لا على أناس عزل....!!!!
ثم اتصل بقائده في المنزل الأول:
"لقد وجدناه سيدي .... انه هو ...."
وهنا أمره بتفتيش المنزل ثم الاتيان به
ولم تمر بضع دقائق حتى أضحى مشهد المنزل الثاني ، مشابها لمشهد المنزل الأول ، حيث لم يبقى من أثاث المنزل إلا القليل الذي لم يكسر أو يهشم....
ثم اعتقل ناصر وأفرج عن الباقين بعد أن نالوا نصيبهم من الضرب والشتم...
أما ما كان في المنزل الأول فقد دخل الضابط المسؤول عن العملية إلى البيت ثانية ورأى الابن في حالة يرثى لها وصوت أنين ضعيف يخرج من فيه ، فقال لأحدهم :" سوف يموت علينا هذا الشاب ، اطلبوا له الاسعاف فورا ... "
وما أن سمعتْ أمه طلب احضار الاسعاف لابنها حتى تيقنت أنها لن ترى ابنها ثانية إن أخدوه ، فالمستشفى محاط بالعساكر من كل جهة ، وضحايا اعتداءات الجنود يقبعون في جناح خاص مراقب بالكاميرات ، ولا يستطيع أحد أن يصل إليهم ، ومن يتماثل قليلا للشفاء يأخذوه إلى مكان مجهول وتختفي أخباره....
فاستجمعت الأم قواها ونهضت متوسلة لهم أن لا يطلبوا الاسعاف ، " ابني مصاب بالصرع وأنا أعرف كيف أعالجه ، لا داعي لأخذه للمستشفى ، هو يحتاج لأن يأخذ دواءه ويرتاح قليلا ، إنه لا يحتاج للمستشفى صدقوني "
وهنا أفرج الجنود للأم فانطلقت نحو ابنها مستنهضةً اياه " يحيى قم بني ... قم قبل أن يأخذوك معهم.... " وعبثا حاولت الأم استنهاض عزم ابنها لكنه لم يقم ، فصممت على حمله ، وبقوة الأم الفادية لابنها بنفسها حملت الأم ابنها و أوقفته ثم أخذته إلى غرفته وقدمت له دوائه الخاص ، وهو شبه غائب عن الوعي.
ثم بدأ الجنود بالانسحاب شيئا وشيئا حتى خرجوا من المنزل، وهنا توجهت الأم نحو الغرفة التي بها ابنتها ، فوجدت ابنتها مصفرة اللون ... ترتعش من الخوف و دموع ٌحارقة تسيل على وجنتيها
ضمت الأم ابنتها إلى صدرها ، قدمت لها كأسا من الماء ، وهدأتها " بنيتي اعذريني أني تركتك لوحدك ، فلقد أوشكوا على قتل أخيك " إلا أن البنت لازالت ترتعش وهي مضطربة ، وبعد دقائق من محاولة تهدأتها ، سألتها أمها " بنية ماذا حصل لك ... ماذا فعلوا معكِ ... هيا أخبريني ... "
" لقد أخبرتهم عن مكانه.... سامحني أمي ... قولي لأختي أن تسامحني.. لقد ... لقد ..."
وهنا بدأ البنت ترتعش أكثر ، والأم تمسح على رأسها لتهدأها
" ماذا حصل ابنتي ماذا فعلو هؤلاء الوحوش ... "
" لقد أطفؤوا النور وجاء ثلاثة من هؤلاء المقنعين وجلسوا على السرير بجانبي ، وهم ينظرون لي بحدة .... مد أحدهم يده وكشف عن شعري ببطء وقال : "جميل ... شعرك جميل "
ومد الآخر يده إلى خدي متلمسا إياه " صغيرتي... ما رأيك هل ستخبرينا عن مكان زوج اختك ، أم أبدأ بكِ أنا أولا...صدقيني سوف أصنع بكِ شيئا لم تريه طيلة عمرك...."
وهنا قام محاولا خلع بانطلونه ، وهو يصرخ عليها "هيا قولي أين هو قبل أن أخلع البانطلون ..."
وهنا أخبرتهم عن مكانه...فتركوني"
وهنا لم تستطع الأم إخفاء لوعتها ،فاحتضنت ابنتها وقالت " هونَّ ما نزل بنا أنه بعين الله "